الثالوث و الوحدانية المجردة ج(1) اعداد : كيرلس

الثالوث و الوحدانية المجردة
الثالوث و الوحدانية المجردة

الثالوث و الوحدانية المجردة ج(1)

اعداد : كيرلس
المقدمة

عزيزي المسيحي, لماذا لا تقول ان الله واحد؟ لماذا تعقد الامور بايمانك بالثالوث؟
عندما يتم توجيه هذا الاتهام الينا, سينصرف اغلبنا الي الدفاع عن ايمانه بالثالوث, ولكن هذا المقال لا يفعل ذلك ولكننا في المقابل سنسأل : هل الوحدانية المجردة هي بالفعل ايمان بسيط كما يدعون ؟
عزيزي القاريء, ان كنت تعتقد ان الثالوث عقيدة معقدة وان الايمان بالوحدانية المجردة هو ايمان بسيط, فهذا المقال موجه لك, وانا على ثقة انك في نهاية البحث ستمجد الله على ايمانك بالثالوث
مع وجود لاهوت مسيحي مستقر في القرن الثامن طرح يوحنا الدمشقي طرح بسيط ,وكان الطرح في حوار تخيلي سنة 754م وملخصه كالاتي : ان كانت صفات مثل القدرة والحياة والعلم هي اشياء حقيقية لا تنفصل عن ذاته, اذن هي ازلية قديمة مع الله , وبالتالي كل شيء قديم يسمى الها
و في هذا الجزء سنذهب في رحلة الي المشاكل الرئيسية في الايمان بالوحدانية المجردة والتناقضات الواضحة التي وقع فيها من يلقبون انفسهم بال “موحدين” في محاولاتهم للرد على طرح يوحنا الدمشقي وشرحهم لعلاقة الصفات بالذات وهي ستكون من خلال خمسة عناوين رئيسية :

مشكلة الصفات داخل الذات ……………………………………………. ص 3
– مشكلة الاحوال …………………………………………………………….. ص 5
– مشكلة الصفات الخبرية…………………………………………………… ص 6
– المشكلة السيمانطيقية للصفات ………………………………………. ص 8
– مشكلة صفة كلام الله والمسيح………………………………………… ص 9

وفي الجزء الثاني سنحلق في سماء اللاهوت المسيحي فنسلط الضوء على موضوعين مهمين :
ϖ دفاع الصفات
ϖ اللاهوت المسيحي الشرقي ونظرته الي صفات الله

مشكلة الصفات داخل الذات
انقسم الموحدين الي تيارين فكريين, الاول هو مثبت للصفات متمثل في اهل السنة والثاني ينفي الصفات ومتمثل في المعتزلة وبعد صراع داخلي طويل بين صفوفهم – لا يعنينا في شيء – انتصر طرف اهل السنة وانحصر الفكر المعتزلي في عقيدة الشيعة, ومن خلال المناقشات الداخلية اللتي دارت بينهم حدث تطور للاهوت الاسلامي او ما يسموه بعلم الكلام.
قسم اهل السنة الصفات الي نوعين ,النوع الاول صفات ذاتيه تصف الله في ذاته وهي صفات لا تنفك عن الذات وهي صفات قديمة معه, والنوع الثاني هو صفات فعلية تصف فعل الذات وهذا النوع من الصفات يمكن ان تنفك عن الذات بمعنى انها صفات فعلها الله ولم يكن فاعلا لها من قبل مثل النزول والاتيان والاستواء على العرش, لكن كلها نابعة من صفة ذاتيه هي صفة الارادة فالله دائما مريد لكنه يفعل ارادته وقتما يشاء كالخلق مثلا.
واذا طرحنا الان ما قاله يوحنا الدمشقي سنجد لديهم اجابة وهي :
ان هذه الصفات ليس لها وجود خارج الذات, بل ان الذات هي ذات موصوفة بصفات مثل صفة الوجود, فصفة الوجود ليس لها وجود خارج الذات بل ان الذات موصوفة بالوجود وان التمييز بين الصفات والذات هو تمييز لا وجود له خارج العقل.
يبدوا ان الكلام منطقي, فهل يثبت بالفحص ؟
صفة الوجود تسمى بالصفة النفسية , يعني قائم بذاته , فهل ما ينطبق على صفة الوجود يمكن ان ينطبق على باقي الصفات ؟
بمعنى هل الله قادر بذاته مثلما ما هو قائم بذاته ؟
 الاجابة : لا !
اذا, ما هي الاجابة ؟
الاجابة : ان الله ليس قادر بذاته بل قادر بقدرة فيه لان القول بان الله قادر بذاته سيجعلنا نذهب الي نفي الصفات في ذات الله.
وما كان من اهل السنة الا انهم صاغوا عبارة تشرح علاقة الصفات بالذات وهي ان صفات الله ليست هو وليست غيره وهذه العبارة معروفة باسم الصيغة الكُلابية وقد وضعت هذه الصيغة للرد على بعض المعتزلة التي نادت بان الصفات هي عين الذات وكذلك ردا على رأي ابو الهذيل الذي قال :ان الله قادر بقدرة هي هو, وهو الامر الذي لم يلاقي اعجاب اهل السنة لاننا عندما نقول ان القدرة هي عينها الله فبهذا سنجعل الصفات واجهة للذات , وهو اثبات لاقانيم النصارى(بتعبير الشهرستاني) 
فكانت الصيغة الكُلابية هي الاقرب للتعبير عن عقيدة اهل السنة ان الصفات ليست هي الذات بل هي زائدة على الذات.
وهنا نفهم انه بالرغم ان قولهم بان الله ذات موصوفة الا ان الصفات ليس وصف للذات بحيث يكون الصفة هي نفسها الذات الموصوف ! بل الله قادر لوجود صفة القدرة فيه وعالم لوجود صفة العلم فيه ! , فالصفات هي اشياء حقيقية داخل الذات ليست هي الذات لكنها صفات زائدة على الذات , فيبدوا ان الموحدين بعد كل شيء يؤمنوا بنوع ما بالوحدة الجامعة !, فالله واحد من جهة انه ذاتن واحدة ومن جهة اخرى كثير بصفاته.
ولكن قد تتفاجأ عزيزي القاريء ان التمييز بين الذات والصفات يصل ان عبادة صفة لله يعتبر شرك وهو في حد ذاته خروح قاطع وصريح عن البساطة الالهية لان هذا يعني ان الله مكون من (ذات + صفات) وهو تركيب واضح جدا.

ليست هو وليست غيره
بالرغم ان هذه الجملة ليست بسيطة كمحاولة الادعاء بان الايمان بالوحدانية المجردة هو ايمان بسيط, لكنها جملة جيدة جدا لانهم في محاولتهم لشرح الصفات اوجدوا جملة رائعة جدا يمكن اعادة تعريفها لنصف بها اقنوم الابن واقنوم الروح القدس, بمعني ان الابن ليس هو الاب وليس غيره, فهو ليس الاب كأقنوم وليس غيره كجوهر.
فان كانت المشكلة في وجود اقنومين مع الله , فسوف نستخدم نفس الجملة التي تستخدمونها في اثبات الصفات وهي ان الابن والروح القدس هذه الاقانيم ليست هو وليست غيره (يمكنك مراجعة موضوع دفاع الصفات في الجزء الثاني)
مشكلة الاحوال
يلجأ كثير من الناس لشرح معنى الصفات بتوضيح مثال وهو مثال الماء , فيقولوا ان صفة مثل السيولة هي صفة في الماء وبالتالي الماء موصوف بالسيولة والسيولة في حد ذاتها ليست الماء.
الكلام يبدو منطقي , لكن هل هذا حقا ما تعتقدوه ؟

السيولة هي خاصية للماء ليست متعلقة او زائدة على الذات.
فهي من جهة ليست صفة معدومة في الماء كون الماء في ذاته سائ

ل ومن جهة اخرى ليست شيء حقيقي متعلق بالذات او زائد عليه اي ان الماء نفسه سائل وليس سائل بصفة فيه .
فالمثال المضروب هو اقرب لما يسمى وصف حالة الماء, فهل انتم مؤمنين بالاحوال في الله ؟
من تكلم عن الاحوال معروف باسم: ابي هاشم , وكانت محاولة منه لتوفيق الفريقين المعتزلة واهل السنة, المعتزلة يعتبروا ان الله ذات وان الله عليم وقادر وحي بذاته وليست بصفة فيه وان كل الصفات التي تكلم الله بها عن نفسه هي مجرد اللفاظ او اسماء لنفس الذات, ويخالفهم اهل السنة في ان صفات الله حقيقية مثبتة قائمة بذاته ومتمايزه عنه ومتمايزة عن بعضها.
فما كان على ابي هاشم الا انه اخرج ما يعرف باسم نظرية الاحوال وهي: ان الله ليس لديه صفات لكن احوال, هذه الاحوال ليست مثبتة وليست منفية.
لكن اهل السنة رفضوا احوال ابي هاشم , باعتبار ان اي شيء لا يمكن ان يكون في مكان وسط بين الشيء ونقيضة, وهو معروف في المنطق ب “الثالث المرفوع” وهذا يعني ان الاحوال لابد ان تكون اما منفية او مثبتة .
ولكن اليس هذا ما يمكن ان نخرج به من جملة “ليست هو وليست غيره” ؟ فكما ان جملة “ليست هو وليست غيره” لها شرح , فبالتاكيد جملة “ليست مثبتة وليست منفية” لها شرح وهو باختصار كالاتي:
الله يتصف بانه قادر, وهو هنا ليس قادر بسبب صفة القدرة لكنه قادر لوجوده في حالة القادرية, وبالتالي الاحوال ليست منفية او مجرد لفظ مثلما يقول المعتزله في نفي الصفات, وهي ايضا ليست مثبتة كأشياء حقيقية متعلقة بالذات كما يقول اهل السنة في الصفات
الا ان اهل اسنة رفضوا احوال ابي هاشم لاصرارهم على ان الصفات اشياء حقيقية متعلقة بالذات.
وقصة الاحوال لم تنتهي الي هنا لان الاتجاه الاشعري تأثر باحوال ابي هاشم , فاثبتوا لله صفات هي احوالا تسمى بالصفات المعنويةوهي : قادر -مريد -عالم- حي- سميع- بصير – متكلم , وهذه الاحوال مشتقة من صفات اسمها صفات المعنى وهي: القدرة – الارادة – العلم – الحياة – السع البصر – الكلام.
ومعناها ان الله لما يلتبس صفة القدرة يسمى قادر , ولما يلتبس صفة العلم يسمى عالم … الخ
لاحظوا ان صفات الحال هي قادر وعالم وحي .. الخ, مختلفة عن بعض و في نفس الوقت هي مثبتة في الذات, فبالتالي الذات الواحدة تعينت في 7 احوال, فمن جهة بيرفضوا 3 تعيينات للذات الواحدة , لكنهم من جهة اخرى اثبتوا 7 تعيينات للذات الواحدة , يعني رفضوا 3 اقانيم واثبتوا 7 !
فلماذا تعتبروا الايمان بالثالوث ايمان معقد وقد وصلتم الي ما وصلت اليه المسيحية بل وقد زدتم عليها؟… ولكن للامانة في النقل ليس كل الاشاعرة اثبتوا الصفات المعنوية, وكما ان باقي الفرق مختلفين معهم فيها.

مشكلة الصفات الخبرية
الصفات الخبرية هي اليد والعين والوجه والساق والانامل وهذه من ضمن الصفات الذاتيه التي تصف ذات الله.
كيف يفسر اهل السنة هذه الصفات؟
يسيرون في تفسيرهم على مرحلتين:
اول مرحلة اسمها التنزيه. 
و يعني تنزيه الله عن مشابهة الحوادث ,والحواث هي ببساطة المخلوقات , وهكذا الله مخالف للحواث ومن هذه الجهة فان الله لا جسم له.(وان كان هناك مجسمة بالفعل)
فان كان لا جسم له فماذا تكون تلك الصفات ؟
هنا تبدأ المرحلة الثانية وهي مرحلة تنقسم لنوعين وهي التفويض او التأويل.
ماذا يعني التفويض ؟ يعني اننا نثبت لله صفة اليد وانها مخالفة للحوادث, لكننا لا نعرف كيفيتها او معناها فنفوض هذا الامر لان هنا تنتهي المعرفة البشرية عن الله, وهذا المسلك هو ايمان الحنابلة السلفيين.
ماذا يعني تأويل ؟ يعني اننا نثبت لله صفة اليد وانها مخالفة للحوادث, والتأويل هو الرجوع للمعنى الاصلي والمراد منه الكلمة, وبالتالي اليد يمكن ان تعني القدرة او او ..الخ , وهذا المسلك هو ايمان الاشاعرة.
وما بين السلفيين والاشاعرة الا ما صنع الحداد , يمكنك ان تبحث عن نونية القحطاني :يا اشعرية يا اسافل الورى !
ما الغرض مما سبق ؟
يمكننا ان نعرف من القرآن ان الله صنع 3 اشياء بيده : غرس الجنة بيده, خلق ادم بيده, كتب التوراة بيده
والسؤال هو : هل يمكن ان يعمل الله افعالا بيده وافعال اخرى لا تشاركه يده فيها ؟
فان كانت الاجابة لا, لا يمكن ان يفعل افعالا لا تشاركه يده فيها , فلماذا هنا تنكرون علينا الايمان بالثالوث فالابن هو كلمة الاب هو ليس الاب وليس غيره وبالتلي هو ليس شيء اخر خارج عنه, فهو مثل صفة اليد عندكم, فالابن والروح القدس بتعبير القديس إيرينيوس هما يدي الله كذلك كما نقول في قسمة تقال للابن : ” يامن لم يحسب ان يكون معادلا لله خلسه بل انت هو الاقنوم الذاتي ويد حكمة الله الاب”
وان كانت الاجابة نعم يمكن ان يفعل افعالا بدون يده , فهذه تعتبر تجزئة في الجوهر الالهي, فهي تسمى تجزئة لان الله يفعل فعلا وجزء منه لا يفعل نفس الشيء.
لان بالرغم اننا مؤمنين بالثالوث الا اننا نؤمن انه لا يوجد فعل يفعله الاب بدون كلمته او روحه فكل شيء هو من الله بالكلمة في الروح, لان وحدة الفعل الالهي دليل على وحدة جوهره.

المشكلة السيمانطيقية للصفات
السيمانطيقية هي دلالة الالفاظ
اهل السنة في شرح الصفات سواء الذاتية اوالفعلية وضعوا قواعد تتلخص في ثلاث نقاط :
اثباث بغير تمثيل :
يعني اننا نثبت الصفة التي نسبها الله لنفسه طبقا للقران والسنة وفي نفس الوقت ننفي مماثلتها مع المخلوقات فاثبات الصفات هو اثبات وجود وليس كيف,لان ذات الله ليست مثل باقي الذوات فهي ذات متصفة بصفات حقيقية لا تشبه باقي الصفات, فالله ذاته ليس كشبه شيء, كذلك ايضا الكلام عن صفاته , فالكلام في الصفات كالكلام في الذات.
وهو ما يختلف عنه الايمان المسيحي ,لان ايماننا في قدرة الله انها مختلفة من حيث عظمتها وغير محدوديتها وليست من حيث حقيقتها كقدرة, والا ما هو الداعي ان تقول قدرة ان لم تكن تعني القدرة فعلا؟
التنزيه بغير تعطيل : 
يعني ان ننزه الله عن الحوادث وفي نفس الوقت لا نعطل الصفات, بمعني ان صفات الله كلها تعمل منذ الازل, وهنا السؤال المسيحي الازلي, ان كانت الصفات قائمة ازلية بدون تعطيل, فهي صفات شخصية, لابد من وجود شخص اخر لممارستها, فالله يرى ويتكلم فمن ك

ان يرى قبل الخلق؟ ان كان لا شيء فهي صفة قائمة في الذات غير مفعلة, ومع من كان يتكلم قبل الخلق؟ فهي صفة قائمة في الذات غير مفعلة , وبالتالي الله كان يحتاج الخليقة لتفعيل هذه الصفات فيه.
قطع الطمع عن ادراك الكيف :
وهو مبدأ جميل ولا يوجد فيه مشكلة, لكن المشكلة هي في الاعلان عن شيء لا يمكن فهم كيفه وحقيقته بل ولابد من ان نقطع الطمع في ادراكه !
فهل الوحدانية المجردة عقدية بسيطة في وجود مشكلة اصلا في دلالات الالفاظ التي نصف بها الله؟

مشكلة كلام الله والمسيح
وفي هذا القسم سأوضح التناقضات التي يقع فيها من يسموا انفسهم بالموحدين وهي بين قسمين:
القسم الاول : هو التناقض الواضح بين المذاهب في تبرير كيف يكون القران كلام الله
اتفق اهل السنة على ان القران هو كلام الله وهو غير مخلوق, واتفق الشيعة والمعتزلة ان صفات الله كلها مخلوقة وزاد عليهم الشيعة بما يعرف باسم الولاية التكوينيةوهي : ان الله خلق اناس لهم القدرة ان يتحكموا في امور الكون بوجود صفة طبيعية فيهم, عموما هذه العقيدة هي بالضبط العقيدة الاريوسية.
اهل السنة وجدوا ان هناك معضلة ان يكون كلام الله مخلوق وهذا يرجع الي ثلاثة اسباب :
1- ان الله خلقه في نفسه , وهذا محال لان الله ليس مكان للحوادث (اي للمخلوقات) ولا يكون فيه شيء مخلوق ولا يكون ناقصا فيزيد فيه شيء اذا خلقه.
2- ان الله خلقه في غيره , وذلك شنيعة وكفر لانه لا نقدر ان نفرق بين كلام الله وكلام غيره.
3- ان الله خلقه قائما بنفسه وذاته , وهذا المحال الباطل لانه لا يكون كلام الا من متكلم ولا يُرى كلام قط قائم بنفسه يتكلم بذاته.
وهنا السؤال: عند الرجوع الي قواعد الصفات السابق ذكرها سنجده يقول: الاثبات بغير تمثيل وان اثبات الصفات هو اثبات وجود وليس كيف, فلو قولنا ان القران هو كلام الله, فاذا صفة الكلام تشابهت من حيث كيفيتها مع المخلوقات؟
هنا وللاجابة على هذا السؤال يجب ان تعرف مذهب المجيب لان لكل مذهب اعتقاد ولا يوجد رأي موحد وعلى سبيل المثال:
الاشاعرة حتى يخرجوا من هذا المأذق قالوا بنوعين من الكلام , الكلام النفسي وهذه صفة في الله لا يمكن تمثيل كيفيتها مع المخلوق, والكلام المنطوق هو نابع من صفة الكلام النفسي, بمعنى ان اللغة والنطق و الالفاظ تحتوي على مضمون الكلام النفسي وليس الكلام النفسي ذاته.
اما الحنابلة او السلفيين فيقولوا ان القران هو كلام الله معنى ولفظا ونطقا.
وكل مذهب له استشكال على المذهب الاخر, فواضح ان الوحدانية المجردة ليست بسيطة وسهلة كما يمكن ان يتصورها احد.

القسم الثاني : التناقض في التبريرات عندما يتعلق الامر بالمسيح
في قرائتنا لرد اهل السنة على شبهات المعتزلة الجهمية عن خلق القران , فنجد حديث : “اقرأوا الزهراوين البقرة و ال عمران فانهما تاتيان يوم القيامة” والشبهة هنا لفعل الاتيان فالصفة لا توصف وهذا دليل على خلقها.
وكان الرد ان الذي يجيء او يأتي هو ثواب قراءة القران وهذه بتفاسير نقلية لا تعنينا يمكنك ان تقرائها في من المصدر بالاسفل.
ومن نفس المصدر نقرأ ان الاعمال الصالحة تأتي في هيئات مرئية في حديث طويل رواه احمد وغيره في القبر وفيه : ” ياتيه رجل حسن الوجه حسن الثياب طيب الريح فيقول ابشر بالذي يسرك هذا يومك الذي كنت توعد فيقول له من انت فوجهك الوجه يجيء بالخير فيقول انا عملك الصالح”.
من كل ما فات نخرج بمعلومة واحده هو ان الثواب والعقاب سيأتوا بصورة مرئية وتتكلم وتحاج عن اصحابها
وفي شبهة اخرى -من نفس المصدر- قال المعتزلة ايضا : “انما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته القاها” والمسيح مخلوق وهو كلمة منه ,اذا كلام الله مخلوق.
وكان الرد ان الكلمة التي القاها الله هي كلمة “كن” وعيسى ليس هو كن لانه بشر وليس كلاما وهذا واقع لا يجادل فيه عاقل
وهنا نسأل : هل من المنطقي ان الثواب والعقاب يأتون في صورة مرئية رجل حسن الوجه والثياب وطيب الرائحة ويتكلم ويقول انا عملك الصالح , لكن عندما يتعلق الامر بالمسيح فهو من غير المنطقي ان الكلام يكون في صورة مرئية يمثل الثواب والعقاب ؟
هل وصل بمن يؤمنوا بالتوحيد المجرد انهم يقروا الشيء ونقيضة في موضوع واحد وفي كتاب واحد !
ختاما : المعتزلة نفوا الصفات في ذات الله وذلك كما يقول ابن العبري “حتى يتجنبوا اقانيم النصارى” , وعندما اثبت اهل السنة الصفات كان هذا ايضا هروبا من الاقانيم وذلك بقول الشهرستاني ان اثبات ذات هو بعينه صفة يجعل من هذه الصفات وجوها للذات فهي بعينها اقانيم النصارى.
فيبدوا يا عزيز ان الثالوث المسيحي هو حقيقة منطقية لا مهرب منها !
انتهى بنعمة الله ..